الخميس، 5 مارس 2009

نشاط 2 لشهر فبراير 2009
المرأه فى مصر القديمه
يخطىء من يظن أن دور المرأة فى المجتمع المصرى القديم كان دورا يقل شأنا عن دور الرجل فى ذلك المجتمع .. وأنها لم يكن لها من شأن إلا فى ما يختص بأعمال البيت كزوجة ترعى شئون الدار وكأم تربى الأولاد .. ولعل مرجع هذا الظن بعض ما نراه فى بعض تماثيل للقدماء تصور المرأة اقل حجما من الرجل وهى واقفة بجواره لا تصل قامتها لأعلى من خاصرته أو وهى راكعة لا تصل لأعلى من ركبتيه ..
ولعل الرد على هذا الظن أنه كان بعضا من غلو المثال المصرى فى تصوير عظمة الملك وجلاله كاله ومعبود عندما نحت تمثالا للملك وبجواره زوجته .. ولكن حقيقة الأمر ان المرأة فى مصر القديمة كان لها مثل وضع الرحل وحقوقه .. ولعلنا نؤكد ذلك فيما نراه من صور تمثل الحياة العائلية الرائعه الهادئة للملك اخناتون وزوجته نفرتيتى وبناتها أو صور الملك توت عنخ آمون وزوجته عنخ سن آمون أو اللوحات التى تمثل مآدب الطعام التى كان يقيمها الوزراء والنبلاء فى قصورهم وتبدو فيها المرأة على قدم المساواة مع الرجل ..
كما يطالع زائر المتحف المصرى تمثال للملك أمنحتب الثالث وزوجته الملكة تى صورهما المثال فيه متساويين حجما وجدير أن نذكر أن هذا الملك سجل قصة زواجه من "تى" الفتاة المصرية على جعران فى سابقة لم يسبقه إليها ملك .. والذى عندما أراد أن يسرى عنها – ويهدىء من غضبها على كهنة آمون عندما رفضوا اشتراكها فى مهرجان آمون بالبحيرة المقدسة بالكرنك فبنى لها بحيرة واسعة بجوار معبده فى الوادى الغربى حفرت وغمرت بالماء فى مدى اسبوعين من الزمن .. بل أن نفرتارى الملكة الجميلة الحبيبه إلى قلب رمسيس الثانى وقد صورت مرات مع الملك فى وضع أقل كثيرا من الحجم الطبيعى – هذه الملكة كانت أقرب الزوجات الى قلبه وقد بنى لها أجمل مقبرة فى وادى الملكات بالاقصر كما بنى لها معبدا إلى جوار معبده فى ابى سمبل..
ويزخر المتحف المصرى بالكثير من التماثيل واللوحات التى تؤكد وضع المرأة فى كافة عصور مصر القديمة .. ففى الدوله القديمة نجد تمثال الأميرة نفرت الى جوار زوجها الأمير رع حبت يؤكد ما كانت تتمتع به المرأة من تقدير ومساواة.
وقد ترجح كفة المرأة إذا ما نظرنا الى ورائه العرش فقد كان النظام يحتم فى مصر القديمة أن يتولى عرش مصر امير او نبيل زوجته أميرة يجرى فى عروقها الدم الملكى إذ كان خط الوراثه يسير خلال المرأه وليس الرجل.
وحفظ لنا التاريخ اخبار الملوك وملكاتهم وابنائهم وونبلائهم من خلال معابدهم ومقابرهم وما بقى من قصورهم وآثارهم ولذلك أمكن تصوير أوضاعهم .. أما الطبقات المتوسطة والفقيرة فى مصر القديمة فرغم أن مواردنا عنها قليلة حيث عفا على دورهم وقبورهم الزمن .. إلا أن هذه الموارد على قلتها رسمت لنا الكثير مما يؤكد وضع سيدة الطبقه الوسطى وفلاحة مصر الأصيلة من حيث رعاية الأولاد فقد قرأنا عن الام التى كانت تحمل طعام أولادهم وشرابهم الى مدرستهم كل يوم وفى ذلك نجد الحكيم " آنى" من القرن 16 قبل الميلاد يطلب من أحد الابناء أن يحتفظ جميل رعاية أمه له قائلا " ضاعف الخير لأمك واحملها ان استطعت كما حملتك صغيرا" ..
كانت المرأة سيدة دارها وكان جيرانها يدعونها ست الدار "بنت بر" – وكان زوجها يدعوها "مريت " أى الحبيبه ولذلك نرى الحكيم بناح حيث ينصح الزوج قائلا " أحبب زوجتك وعاملها بما تستحق واشبع جوفها واستر ظهرها وعطر بشرتها بالدهن" .. وكانت الزوجه المصريه ترعى شئون بيتها أحسن رعاية وبعيدا عن افتراءات هيرودوت المؤرخ القديم الذى نجده يصف المرأة المصرية قائلا انها تذهب الى السوق لشراء حاجيات بيتها كما انها تمارس اعمال التجارة بينما يقوم رجلها بأعمال النسيج فى البيت ..

وفى هذا نرى مدى تعاون المرأة مع زوجها حتى أن هناك مخطوطا فى تفسير الأحلام يرجع إلى الفى عام قبل الميلاد يقول أن الطلاق أو الزواج بأمرأة اخرى أو فقد الزوجه شر مستطير ولعل قصة الزوج الذى فقد زوجته والذى ترك لها رسالة فى قبرها يعاتبها على انها فارقته وتركته للوحدة والألم .. يقول الزوج فى الرسالة التى وجدت فى القبر "أن هجرك لى بالموت سبب لى مرضا لا شفاء منه .. اتخذتك زوجة حين الشباب واستقر مقامى عندك .. وما حدث أن تخليت عنك .. وما اخفيت عليك سرا طول حياتك .. ما هجرتك وما دخلت دارا غير دارك" .. رسالة مفعمة بالحب والوفاء والتقدير للزوجة ...
ولعل ما يدعونا الى تأكيد وضع المرأه فى مصر القديمه ما نراه من منجزات لها على مدى العصور ففى حرب التحرير التى قادها " سكن رع " كانت أمه " تتى شيرى " هى التى أرضعته حب مصر ولقنته مبادىء الوطنية واستحقت لقب أم اول شهيد فى حرب الهكسوس كما ارضعت معه أخته " أع حتب" أم الابطال كامس الشهيد وأحمس بطل التحرير .. وربما كانت هذه الملكه متمرسه فى شئون الحرب والقتال إذ عثر فى تابوتها على بلطه مذهبة وخنجر .. كما أن الملكة أحمس نفرتارى زوجة الملك أحمس من فرط ما قدمت لمصر من مآثر ولابنها امنحتب الاول من توجيه ونصح استحقت ان يضعها المصريون فى مصاف القديسين .. انصاف الالهه .. كانت تقام لها الادعيه ولاء وتبركا.
عملت المرأة فى المعابد كاهنه إلى جانب الكهنة .. كما عملت منشده ومرتله وليس ذلك بمستغرب فأننا نرى فى قائمة الالهه المصرية القديمه اسماء الهات كثيرات .. امثال ايزيس ونفتيس وماعت وحتحور .. وغيرهن كثيرات.
كما جلست المرأة على عرش مصر أكثر من مره وتولت مقاليد الحكم بجدارة واقتدار .. حتى أن احداهن وهى الملكة حتشبسوت تزيت بزى الرجال وظهرت لها تماثيل وهى تضع اللحية التقليدية تحت ذقنها ...
تولى عرش مصر الملكات " مريت تيت " و " خنتكاوس " و سريك نفرو " و " تاو سرت " و " كليوباترا".
كما ان هناك ملكات زوجات لملوك كان لهن دور كبير فى تسيير دفة الحكم سواء فى السياسه الداخلية أو الخارجية امثال الملكات " تى" و "نفرتيتى" و "أع حبت" .
بل أن هناك اخريات كان لهن دور فى المؤامرات التى كانت تدبر للاطاحه بملك من الملوك نذكر منها المرامرة التى دبرت ضد الملك بيبى الأول من ملوك الاسرة السادسه والمؤامرة التى دبرت ضد الملك رمسيس الثالث من ملوك الدولة الحديثه.
وتولت المرأة مناصب القضاء والوزارة ، كما مارست مهنة الطب كطبيبه ومهنة التوليد كنابلة .. وجاء ذكر ذلك فى سفر الخروج الاصحاح الاول كما كانت المرأة تعمل مغنيه وراقصه فى حفلات علية القوم وتعمل ندابه بأجر فى مآتمهم وشعائر دفن موتاهم.
كانت للمرأة المصرية كل حقوق الزوجة على زوجها .. كما كانت لها ذمتها الماليه المستقله كما ان نظام تعدد الزوجات كان نادرا فى مصر ولم يمارسه إلا الملوك والقليل من الطبقه الحاكمة.
أما عامة الشعب فقد كان الرجل يكتفى بزوجه واحده تشاركه السراء والضراء.
أما الطلاق فكان لا يتم إلا فى حالات نادرة .. وكانت الاخلاق تسود فى المجتمع المصرى الذى يضم الرجل والمرأة .. الفضيله تحكم الجميع .. كانت العفة والطهارة شعار حياتهم بحيث أن عقوبة الخيانه الزوجية كانت الالقاء بين انياب التماسيح .. ولذلك نجد الحكيم " آنى" يحذر قائلا " خذ حذرك من المرأة الأجنبية تلك التى ليست معروفة فى بلدتها .. ولا تغمز لها بعينك .. إنها ماء عميق .. لا يعرف الرجل اغواره."
المرأة المصرية ... هى .. هى .. قديما وحتى اليوم ... أم .. وزوجة .. وابنه عريقة فى أصلها .. كريمة فى نسبها .. بنت النيل العظيم ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق